محمد محمود السماني "الإنصرافي": بين توحيد الكتلة المناهضة للمليشيا وإثارة الجدل داخلها

الإنصرافي


مقدمة
برز اسم محمد محمود السماني، المعروف بلقب "الإنصرافي" كواحد من الأصوات الأكثر حضورًا في المشهد السياسي السوداني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا في خضم الصراع الحالي. وبينما يُنسب إليه دور مهم في توحيد الكتلة الحرجة المناهضة لقوات الدعم السريع (المليشيا)، إلا أن أسلوبه الحاد في الهجوم على بعض مكونات هذه الكتلة خلق انقسامات داخلية أثارت الكثير من الجدل. في هذا المقال، نستعرض دوره وتأثيره من زوايا متعددة، بناءً على المعلومات المتداولة عنه، مع الإشارة إلى أن بعض هذه المعلومات لا تزال غير مؤكدة.


الإنصرافي: النشأة والمسار السياسي

تضاربت الروايات حول أصول "الإنصرافي"، لكن بعض المصادر تشير إلى أنه وُلد في الولايات المتحدة الأمريكية ويحمل جوازًا أمريكيًا، فيما تعود أصول عائلته إلى مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان. ويُقال إنه نشأ في بيئة إسلامية محافظة، حيث كان والده محمود السماني من قيادات الحركة الإسلامية السودانية وأحد المشاركين في انقلاب 1989.

تشير بعض التقارير إلى أن الإنصرافي كان في بداياته منتميًا للحركة الإسلامية، لكنه انقلب عليها بعد قضية فساد تورط فيها والده عام 2010، مما أدى إلى إبعاده عن المشهد السياسي السوداني. انتقل لاحقًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث استقر في ولاية أيوا، وعمل في عدة مهن، قبل أن يصبح ناشطًا بارزًا على وسائل التواصل الاجتماعي بعد ثورة ديسمبر 2018.


الإيجابيات: دوره في توحيد الكتلة المناهضة للمليشيا

1️⃣ التصعيد ضد قوات الدعم السريع

مع اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، اتخذ "الإنصرافي" موقفًا صارمًا ضد المليشيا، حيث لعب دورًا في تحفيز السودانيين على رفض وجودها والتصدي لمشروعها التوسعي. وقد ساهمت حملاته الإعلامية في رفع الوعي حول جرائم المليشيا وتحشيد الرأي العام ضدها.

2️⃣ مخاطبة السودانيين في الداخل والخارج

استخدم "الإنصرافي" لغة شعبية قريبة من الشارع السوداني، ما جعله مؤثرًا في حشد التأييد للمقاومة الشعبية ضد قوات الدعم السريع. كما أنه كان همزة وصل بين السودانيين في الشتات وأولئك الذين يعانون في الداخل، حيث ساهم في حملات التبرعات لمساعدة ضحايا الحرب.

3️⃣ فضح التلاعب السياسي لبعض القوى

انتقد "الإنصرافي" بعض القوى السياسية التي وصفها بأنها متواطئة أو مترددة في اتخاذ موقف واضح ضد المليشيا، وسلط الضوء على تناقضات بعض الفاعلين السياسيين في المشهد السوداني. هذا الأمر جعله يحظى بتأييد واسع في صفوف الشباب الذين يرون في خطابه تعبيرًا عن غضبهم من النخب السياسية التقليدية.


السلبيات: إثارة الانقسامات داخل الكتلة المناهضة للمليشيا

1️⃣ الهجوم على بعض مكونات الكتلة الحرجة

رغم دوره في توحيد الكتلة المناهضة للمليشيا، إلا أن "الإنصرافي" تعرض لانتقادات بسبب هجومه العنيف على بعض الفئات داخل هذه الكتلة، بما في ذلك نشطاء، قادة رأي، ومجموعات سياسية محسوبة على الثورة. وقد أدى ذلك إلى حدوث انقسامات بين مؤيديه ومعارضيه داخل نفس التيار.

2️⃣ لغة التخوين والإقصاء

اعتمد "الإنصرافي" في كثير من الأحيان خطابًا حادًا يميل إلى التخوين والإقصاء، مما جعل بعض المناهضين للمليشيا يشعرون أنهم مستهدفون من داخله. فقد وجه اتهامات بالخيانة والتواطؤ لبعض الأطراف التي اختلف معها في الرؤية أو التكتيك السياسي.

3️⃣ إضعاف الجبهة الداخلية عبر الصراعات الثانوية

أدى نهجه الهجومي إلى خلق حالة من الاستقطاب الحاد داخل الكتلة المناهضة للمليشيا، حيث تحولت بعض النقاشات إلى صراعات جانبية بين مؤيديه ومعارضيه، بدلاً من التركيز على مواجهة العدو المشترك.


خاتمة: تأثيره بين الإيجابيات والسلبيات

يبقى محمد محمود السماني "الإنصرافي" شخصية جدلية في المشهد السوداني، إذ لعب دورًا مهمًا في توحيد الكتلة المناهضة للمليشيا وحشد الرأي العام ضدها، لكنه في الوقت نفسه ساهم في خلق انقسامات داخل هذه الكتلة بسبب أسلوبه الهجومي تجاه بعض مكوناتها.

بغض النظر عن موقف الناس منه، يظل "الإنصرافي" نموذجًا للناشط السياسي السوداني الذي يتجاوز حدود العمل التقليدي، مستفيدًا من وسائل التواصل الاجتماعي لصياغة خطاب سياسي مباشر وقوي. ومع استمرار الحرب في السودان، يبقى السؤال: هل سيتبنى خطابًا أكثر توحيدًا، أم سيواصل نهجه التصعيدي الذي يثير الانقسام داخل الكتلة المناهضة للمليشيا. 

التالي السابق
أكتب أول تعليق
أضف تعليق
comment url

عين الصحة

عين التكنولوجيا

تحليلات ومقالات

عين الأقتصاد