مروي القديمة ومدينة مروي الحديثة: تصحيح اللبس التاريخي والجغرافي

مدينة  مروي


يخلط الكثيرون بين مروي القديمة ومدينة مروي الحديثة، وهما منطقتان مختلفتان في السودان، لكل منهما تاريخه وجغرافيته الخاصة. ويعود هذا الالتباس إلى استخدام اسم "مروي" للإشارة إلى موقعين مختلفين، مما أدى إلى تصور خاطئ بأن مدينة مروي الحديثة هي نفسها العاصمة التاريخية لمملكة كوش. في هذا المقال، سنوضح الفرق بين الموقعين وأهم المعالم الأثرية والتاريخية المرتبطة بكل منهما.


أولًا: مروي القديمة (البجراوية)

الموقع الجغرافي

تقع مروي القديمة (المعروفة أيضًا بـ"البجراوية") في ولاية نهر النيل، بالقرب من مدينة كبوشية، وعلى الضفة الشرقية لنهر النيل، على بعد حوالي 200 كيلومتر شمال الخرطوم.

التاريخ والأهمية

  • كانت عاصمة المملكة المروية التي امتدت من القرن الثالث قبل الميلاد حتى القرن الرابع الميلادي.
  • انتقلت العاصمة إليها من نبتة، لتصبح المركز السياسي والاقتصادي والثقافي لمملكة كوش.
  • عُرفت بإنتاج الحديد، وكانت واحدة من أولى الممالك في إفريقيا التي برعت في هذه الصناعة.
  • تضم أهرامات مروي، وهي من أهم المواقع الأثرية في السودان، والمسجلة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.

المعالم الأثرية في مروي القديمة

  • مجمع الأهرامات: يضم عشرات الأهرامات التي بُنيت كمدافن للملوك والملكات، وتتميز بزواياها الحادة وأحجامها الصغيرة مقارنة بالأهرامات المصرية.
  • المعابد: مثل معبد الأسد "أباداماك"، الذي يعكس الفن والرمزية الدينية عند المرويين.
  • بقايا القصور: التي تدل على تطور العمران في تلك الحقبة.

ثانيًا: مدينة مروي الحديثة

الموقع الجغرافي

تقع مدينة مروي الحديثة في ولاية الشمالية، بالقرب من جبل البركل، وعلى الضفة الغربية لنهر النيل، وتبعد حوالي 350 كيلومترًا شمال الخرطوم.

التاريخ والأهمية

  • ليست العاصمة القديمة لمملكة مروي، لكنها قريبة من نبتة، العاصمة الأولى لمملكة كوش قبل انتقالها إلى مروي القديمة.
  • تضم العديد من المواقع الأثرية التي تعود لعهد الفراعنة الكوشيين، خاصة الأسرة الخامسة والعشرين التي حكمت مصر والسودان.
  • تحتضن حاليًا سد مروي، وهو أكبر مشروع مائي في السودان، وأحد أبرز مشاريع البنية التحتية الحديثة.
  • ارتبط اسمها بالصراع العسكري الحالي بسبب قاعدة مروي الجوية، التي أصبحت نقطة نزاع بين الأطراف المتصارعة.

المعالم الأثرية والتاريخية في مروي الحديثة

  1. جبل البركل:

    • كان مركزًا دينيًا مقدسًا عند الكوشيين، واعتقدوا أنه موطن الإله آمون.
    • يضم معابد وقصورًا، وهو أيضًا موقع مسجل ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
  2. أهرامات نوري:

    • تقع بالقرب من مدينة مروي الحديثة، وهي من أهم مواقع الدفن الملكي.
    • تضم مقابر العديد من ملوك وملكات الأسرة الكوشية الخامسة والعشرين، ومن بينهم الملك "تهارقا".
  3. موقع الكرو:

    • كان أحد المدافن الملكية الأولى لمملكة كوش.
    • يضم أهرامات ومقابر مزينة بنقوش ورسومات دينية تصور الحياة بعد الموت وفق المعتقدات الكوشية.
  4. سد مروي:

    • أحد أكبر المشاريع الهندسية في السودان، بُني على نهر النيل لتوليد الطاقة الكهربائية وتحسين الزراعة.
    • يُعد من المشاريع التنموية المهمة في البلاد، رغم الجدل حول تأثيره البيئي والاجتماعي.
  5. قاعدة مروي الجوية:

    • قاعدة عسكرية بارزة، أصبحت ذات أهمية استراتيجية في الصراع الحالي بالسودان.
    • استخدمت في تدريبات ومناورات عسكرية، وشهدت أحداثًا بارزة في النزاع المسلح الأخير.

سبب الخلط بين مروي القديمة ومروي الحديثة

  • تشابه الأسماء بين "مروي القديمة" و"مدينة مروي الحديثة"، خاصة أن الأخيرة قريبة من جبل البركل، الذي كان مركزًا دينيًا مهمًا.
  • بعض المصادر غير الدقيقة لا توضح الفرق بين الموقعين.
  • شهرة مروي القديمة بسبب الأهرامات جعلت البعض يعتقد أن مروي الحديثة تضمها.
  • وجود مواقع أثرية في مروي الحديثة مثل نوري والكرو، عزز الخلط بينها وبين مروي القديمة.

خاتمة

من المهم التمييز بين مروي القديمة، التي كانت عاصمة مملكة كوش التاريخية وتشتهر بأهراماتها، وبين مروي الحديثة، التي تقع بالقرب من جبل البركل وتضم مواقع أثرية أخرى مثل نوري والكرو، كما أنها أصبحت في العصر الحديث مركزًا لمشاريع تنموية كبرى مثل سد مروي، بالإضافة إلى دورها الاستراتيجي في الصراعات الحالية بسبب قاعدة مروي الجوية.

كلا الموقعين يحملان أهمية تاريخية كبرى، لكن لكل منهما طابعه الخاص في تاريخ السودان.

التالي السابق
أكتب أول تعليق
أضف تعليق
comment url

عين الصحة

عين التكنولوجيا

تحليلات ومقالات

عين الأقتصاد