التنبؤ بالزلازل - ظواهر طبيعية وعلامات

التنبؤ بالزلازل - ظواهر طبيعية وعلامات

تعتبر الزلازل من الظواهر الطبيعية المعقدة، ولا تزال القدرة على التنبؤ بها بدقة تحديًا علميًا كبيرًا. ومع ذلك، هناك عدة ظواهر تُدرس كإشارات محتملة تسبق حدوث الزلازل، رغم أن معظمها غير مؤكد أو غير متسق. إليك شرحًا للظواهر والطرق المذكورة:

١. سلوك الحيوانات في التنبؤ بالزلازل:

استخدام سلوك الحيوانات في التنبؤ بالزلازل ليس جديدًا، فقد لوحظ على مر العصور أن بعض الحيوانات تتصرف بشكل غير عادي قبل وقوع الزلازل بفترة قصيرة. تشمل هذه السلوكيات الهروب المفاجئ، القلق، الصراخ، أو حتى محاولات مغادرة المناطق المنخفضة إلى أماكن مرتفعة. لكن رغم هذه الملاحظات، فإن العلاقة بين سلوك الحيوانات والزلازل لا تزال غير مثبتة علميًا بشكل قاطع.

كيف تفسر هذه الظاهرة؟

يعتقد العلماء أن الحيوانات قد تكون حساسة للغاية للموجات الزلزالية الأولية (P-waves)، وهي موجات ضعيفة تسبق الهزة الرئيسية، أو أنها تستشعر التغيرات في المجالات الكهربائية والمغناطيسية أو حتى رائحة الغازات المنبعثة من الشقوق في القشرة الأرضية.

أمثلة على سلوك الحيوانات قبل الزلازل:

  1. الكلاب والقطط: تصبح أكثر قلقًا أو عدوانية، أو تحاول الفرار.
  2. الأبقار والخيول: تتحرك بعصبية، وقد تتوقف عن الأكل أو الحلب.
  3. الطيور: تهرب بشكل مفاجئ من المناطق المتأثرة قبل وقوع الزلزال.
  4. الأسماك: تظهر تغييرات غير طبيعية في السباحة، وأحيانًا تطفو إلى السطح.

هل يمكن الاعتماد على الحيوانات في التنبؤ بالزلازل؟

رغم الأدلة القصصية، لا يمكن الاعتماد عليها كنظام إنذار مبكر دقيق. بعض المشاريع البحثية في الصين واليابان تحاول تطوير دراسات قائمة على سلوك الحيوانات، لكن لا يوجد حتى الآن نموذج علمي دقيق يمكن تعميمه.

الخلاصة

سلوك الحيوانات قد يكون مؤشرًا على اقتراب الزلازل، لكنه ليس دقيقًا بما يكفي ليكون بديلاً عن التقنيات الزلزالية الحديثة، مثل أجهزة قياس الزلازل والشبكات الجيولوجية المتخصصة.

٢. أستخدام نسبة Vp/Vs للتنبؤ الزلازل

نسبة Vp/Vs هي النسبة بين سرعة الموجات الأولية (P-waves) وسرعة الموجات الثانوية (S-waves) في الصخور. تُستخدم هذه النسبة في الجيولوجيا والتنبؤ بالزلازل لأنها تعكس تغيرات في خصائص القشرة الأرضية، مثل الكثافة والضغط والتشقق.

كيف تتغير نسبة Vp/Vs قبل الزلازل؟

قبل وقوع الزلزال، يمكن أن تتغير هذه النسبة بسبب العمليات الجيوديناميكية تحت السطح، وتشمل:

  1. زيادة الضغط في الصخور

    • قبل الزلزال، تتعرض الصخور لإجهادات كبيرة، مما يؤدي إلى زيادة طفيفة في سرعة الموجات الأولية (Vp) دون تغيير ملحوظ في سرعة الموجات الثانوية (Vs).
    • هذا يؤدي إلى ارتفاع نسبة Vp/Vs.
  2. التشققات وامتلاؤها بالسوائل

    • مع اقتراب الزلزال، تبدأ الشقوق في التكون والتمدد داخل الصخور، مما يسمح للسوائل بالتسرب إليها.
    • السوائل تقلل من سرعة الموجات الأولية أكثر من الموجات الثانوية، مما يؤدي إلى انخفاض نسبة Vp/Vs.
  3. ما قبل الهزة الرئيسية مباشرة

    • عندما تقترب الصدوع من الانكسار النهائي، قد يحدث انخفاض مفاجئ في Vp بسبب زيادة التشققات، بينما تظل Vs شبه ثابتة، مما يؤدي إلى انخفاض حاد في Vp/Vs.

التطبيق في التنبؤ بالزلازل

  • رصد تغيرات نسبة Vp/Vs في الوقت الحقيقي يمكن أن يكون مؤشرًا مبكرًا على اقتراب زلزال، خاصة في المناطق النشطة زلزاليًا.
  • بعض الدراسات أشارت إلى أن انخفاض نسبة Vp/Vs قد يكون علامة تحذيرية قبل أسابيع أو أيام من وقوع زلزال كبير.

التحديات في استخدام Vp/Vs للتنبؤ بالزلازل

  • ليس كل الزلازل تظهر تغيرًا واضحًا في نسبة Vp/Vs.
  • العوامل الجيولوجية المختلفة (مثل التركيب الصخري ووجود المياه الجوفية) قد تؤثر على النسبة بطرق مختلفة.
  • نحتاج إلى بيانات دقيقة من عدة محطات قياس زلزالية لتحليل التغيرات بشكل موثوق.

الخلاصة

يمكن أن يكون رصد التغيرات في نسبة Vp/Vs أداة مفيدة في التنبؤ بالزلازل، لكنها تحتاج إلى تكاملها مع تقنيات أخرى، مثل رصد الموجات الزلزالية، والتغيرات في المجال المغناطيسي، والتشوهات الأرضية، للحصول على نتائج أكثر دقة.

٣. استخدام انبعاثات الرادون (Radon Emissions) في التنبؤ بالزلازل

الرادون (Rn-222) هو غاز نبيل مشع ينتج عن التحلل الإشعاعي لليورانيوم في الصخور والتربة. يتميز بكونه عديم اللون والرائحة، وهو قادر على التسرب من باطن الأرض إلى الغلاف الجوي عبر الشقوق والفوالق الأرضية.

كيف يرتبط الرادون بالزلازل؟

قبل وقوع الزلزال، تزداد الضغوط في القشرة الأرضية، مما يؤدي إلى:

  1. توسع الشقوق والفوالق → يسمح ذلك بانطلاق كميات أكبر من الرادون إلى الهواء أو المياه الجوفية.
  2. تغيرات في تدفق السوائل تحت السطح → يمكن أن تحرر الرادون المخزن في الصخور والتربة.
  3. إعادة توزيع الإجهادات الأرضية → يؤدي إلى تغيرات في معدل تسرب الرادون.

أنماط انبعاث الرادون قبل الزلازل

  • في بعض الدراسات، لوحظ أن تركيز الرادون يزداد قبل وقوع الزلازل بفترة تتراوح بين أيام إلى أسابيع، ثم ينخفض بشكل مفاجئ قبل الهزة الرئيسية.
  • أحيانًا يحدث العكس، حيث يقل الانبعاث إذا تم ضغط الشقوق وإغلاقها قبل الزلزال.

أمثلة على دراسات استخدام الرادون في التنبؤ بالزلازل

  1. زلزال كوبي (اليابان، 1995): لوحظت زيادة كبيرة في تركيز الرادون قبل الزلزال.
  2. زلزال تركيا (1999): أظهرت القياسات ارتفاعًا في انبعاثات الرادون قبل حدوث الزلزال بأسابيع.
  3. زلزال إيران (2003): سجلت محطات مراقبة المياه الجوفية ارتفاعًا غير طبيعي في تركيز الرادون قبل الزلزال بأيام.

تحديات استخدام الرادون في التنبؤ بالزلازل

  • عدم وجود نمط ثابت: ليس كل الزلازل مصحوبة بزيادة في انبعاثات الرادون.
  • التأثيرات البيئية: يمكن أن تؤثر الظروف الجوية والمياه الجوفية على تركيز الرادون.
  • صعوبة تحديد الموقع الدقيق: زيادة الرادون لا تشير دائمًا إلى الموقع الدقيق للزلزال القادم.

الخلاصة

يمكن أن يكون رصد انبعاثات الرادون أداة مفيدة في التنبؤ بالزلازل، لكنه يحتاج إلى تكامل مع تقنيات أخرى مثل قياس الإجهادات الأرضية، وتحليل الموجات الزلزالية، ومراقبة التشققات في القشرة الأرضية للحصول على تنبؤات أكثر دقة.

٤. الشذوذ الكهرومغناطيسي (Electromagnetic Anomalies) في التنبؤ بالزلازل

ما هو الشذوذ الكهرومغناطيسي؟

الشذوذ الكهرومغناطيسي هو تغير غير طبيعي في المجال الكهرومغناطيسي للأرض يحدث قبل أو أثناء النشاط الزلزالي. يمكن أن يظهر هذا الشذوذ على شكل:

  • تغيرات في المجال المغناطيسي المحلي
  • نبضات كهربائية غير طبيعية في القشرة الأرضية
  • انبعاثات موجات راديوية بترددات منخفضة جدًا (ULF/VLF/ELF)

كيف يحدث الشذوذ الكهرومغناطيسي قبل الزلازل؟

قبل وقوع الزلزال، تتعرض الصخور لإجهادات هائلة تؤدي إلى تغيرات في خصائصها الكهربائية والمغناطيسية. هناك نظريتان رئيسيتان تفسران هذه الظاهرة:

  1. تأين الغازات في الصخور

    • عند تعرض الصخور لإجهاد قوي، تتحرر أيونات موجبة (مثل أيونات الأكسجين)، مما يؤدي إلى زيادة التوصيلية الكهربائية.
    • قد يؤدي ذلك إلى زيادة في التيارات الكهربائية تحت السطح، والتي يمكن رصدها على شكل تغيرات في المجال المغناطيسي.
  2. نظرية بيزوإلكتريك (Piezoelectric Effect)

    • بعض المعادن، مثل الكوارتز، تولد جهدًا كهربائيًا عند تعرضها للضغط.
    • عندما تقترب الصخور من نقطة الانهيار، قد تنبعث موجات كهرومغناطيسية منخفضة التردد يمكن اكتشافها.

أدلة من دراسات علمية

  • في زلزال اليابان 2011، سجلت الأقمار الصناعية والمراصد الأرضية تغيرات غير طبيعية في المجال الكهرومغناطيسي قبل الزلزال بأيام.
  • في زلزال إيران 2003، رُصدت موجات كهرومغناطيسية منخفضة التردد قبل وقوع الزلزال بفترة قصيرة.
  • في زلزال كاليفورنيا 1989، أظهرت محطات القياس الأرضية تغيرات مغناطيسية قبل الزلزال بساعات.

التطبيقات في التنبؤ بالزلازل

  • رصد المجالات المغناطيسية الأرضية: من خلال محطات أرضية منتشرة في المناطق النشطة زلزاليًا.
  • استخدام الأقمار الصناعية: لمراقبة التغيرات في الأيونوسفير (الطبقة العليا من الغلاف الجوي)، حيث يعتقد أن بعض الزلازل تؤثر عليه.
  • مراقبة الإشارات الراديوية: تحليل الإشارات الكهرومغناطيسية ذات التردد المنخفض جدًا (ULF/VLF) لاكتشاف أي تغيرات غير طبيعية.

التحديات والقيود

  • ليس كل الزلازل مرتبطة بشذوذ كهرومغناطيسي واضح.
  • المصادر البشرية (مثل الأجهزة الإلكترونية وخطوط الكهرباء) قد تتداخل مع القياسات.
  • لا يزال من الصعب التنبؤ بوقت ومكان وقوع الزلزال بدقة بناءً على هذه الإشارات وحدها.

الخلاصة

الشذوذ الكهرومغناطيسي يعد مؤشرًا محتملاً على اقتراب الزلازل، لكنه لا يزال بحاجة إلى مزيد من الأبحاث ليصبح أداة موثوقة للتنبؤ الزلزالي. يمكن أن يكون أكثر فاعلية عند دمجه مع تقنيات أخرى مثل انبعاثات الرادون، ونسبة Vp/Vs، ومراقبة سلوك الحيوانات للحصول على صورة أكثر دقة عن النشاط الزلزالي المحتمل.

٥. طريقة إشارات فّان الكهربائية (VAN Method) في التنبؤ بالزلازل

ما هي طريقة VAN؟

طريقة VAN هي تقنية للتنبؤ بالزلازل تعتمد على رصد الإشارات الكهربائية منخفضة التردد (Seismic Electric Signals - SES) التي تصدر من الأرض قبل وقوع الزلازل. تم تطويرها في السبعينيات من قبل العالم اليوناني باناجيوتيس فّان (Panayiotis Varotsos) وزملائه، hence the name "VAN".

كيف تعمل طريقة VAN؟

تعتمد الطريقة على فكرة أن الإجهادات المتزايدة في الصخور قبل الزلزال تؤدي إلى:

  1. تغيرات كهربائية بسبب تكوّن تيارات كهربائية تحت سطحية نتيجة لتأين الصخور.
  2. إطلاق إشارات كهربائية منخفضة التردد يمكن التقاطها بواسطة مجسات كهربائية على الأرض.

آلية إصدار الإشارات الكهربائية قبل الزلازل

  • عندما تتعرض الصخور لإجهاد قوي بسبب الحركات التكتونية، تبدأ أيونات معينة مثل أيونات الأكسجين في الصخور العازلة بالتأين، مما يولد تيارات كهربائية.
  • هذه التيارات تنتج إشارات كهربائية منخفضة التردد، والتي يمكن قياسها باستخدام محطات أرضية متخصصة.
  • لوحظ أنه يمكن لهذه الإشارات أن تسبق الزلزال بفترة تتراوح بين عدة ساعات إلى عدة أيام.

نجاحات الطريقة في التنبؤ بالزلازل

  • زلزال اليونان عام 1981: كانت هذه أول مرة يتم فيها رصد إشارات VAN قبل وقوع زلزال كبير، مما منح الطريقة مصداقية.
  • زلزال اليونان عام 1995: تمكنت الطريقة من التنبؤ بزلزال قوي قبل وقوعه، ما عزز فكرة أن الإشارات الكهربائية يمكن أن تكون مؤشرًا مبكرًا.
  • زلزال اليابان (تجارب محدودة): أظهرت بعض الدراسات أن إشارات مماثلة يمكن أن تسبق الزلازل.

التحديات والانتقادات

  1. عدم وجود نمط ثابت: ليست كل الزلازل مصحوبة بإشارات كهربائية واضحة.
  2. التداخل مع مصادر كهربائية أخرى: الأجهزة الصناعية والخطوط الكهربائية قد تخلق إشارات مشابهة، مما يجعل تحليل البيانات صعبًا.
  3. عدم الدقة في تحديد الموقع والزمان بدقة عالية: في بعض الأحيان تُلتقط الإشارات دون أن يقع زلزال بعدها.
  4. نقص الدعم العلمي الكامل: بعض العلماء يشككون في صحة الطريقة بسبب عدم إمكانية تكرار النتائج دائمًا في بيئات مختلفة.

التطبيقات الحديثة

  • حاليًا، يتم تطوير مستشعرات أكثر حساسية لمعالجة مشاكل التداخل وتحسين دقة القياسات.
  • يتم دمج إشارات VAN مع طرق أخرى مثل رصد الرادون، الشذوذ الكهرومغناطيسي، ونسبة Vp/Vs لتعزيز موثوقية التنبؤ.
  • بعض الدول مثل اليابان واليونان لا تزال تتابع البحث في هذه التقنية، رغم الجدل حول فعاليتها.

الخلاصة

طريقة VAN توفر طريقة مثيرة للاهتمام في مجال التنبؤ بالزلازل عبر تحليل الإشارات الكهربائية الأرضية، لكنها لا تزال غير مثبتة بشكل كامل كأداة دقيقة ومستقلة. لذلك، يتم التعامل معها كجزء من نظام متكامل يستخدم عدة مؤشرات بدلاً من الاعتماد عليها بمفردها.

٦. فيزياء فرويند (Freund Physics) في التنبؤ بالزلازل

ما هي فيزياء فرويند؟

فيزياء فرويند (Freund Physics) هي نظرية اقترحها العالم فريتش فرويند (Friedemann Freund)، والتي تفسر كيف يمكن للصخور تحت الضغط الشديد أن تصبح شبه موصلة كهربائيًا، مما يؤدي إلى توليد تيارات كهربائية قوية قبل حدوث الزلازل.

الأساس العلمي لفيزياء فرويند

  • عند تعرض الصخور، خاصة الكوارتز والسيليكات، لإجهادات عالية نتيجة للضغوط التكتونية، يحدث تأين داخلي للذرات.
  • هذا التأين يؤدي إلى تحرير أزواج من الإلكترونات والثقوب الموجبة (Positive Hole Pairs - PHP) داخل الصخور.
  • هذه الثقوب الموجبة تتصرف مثل شحنات كهربائية متحركة، مما يجعل الصخور شبه موصلة للكهرباء.
  • يمكن لهذه الشحنات أن تنتقل لمسافات كبيرة داخل القشرة الأرضية، مما يولد مجالات كهربائية ومغناطيسية يمكن قياسها.

كيف يمكن استخدام هذه الظاهرة في التنبؤ بالزلازل؟

  • قبل وقوع الزلازل، يتمدد الصدع الصخري بفعل الضغط التكتوني، مما يؤدي إلى زيادة نشاط الثقوب الموجبة.
  • هذه العملية تسبب:
    1. زيادة في النشاط الكهربائي والمغناطيسي تحت الأرض.
    2. تغيرات في المجال الكهرومغناطيسي يمكن قياسها بواسطة الأقمار الصناعية أو أجهزة الرصد الأرضية.
    3. تأثيرات على الغلاف الجوي والأيونوسفير، مثل اضطرابات في الطبقة العليا من الغلاف الجوي يمكن التقاطها عبر الأقمار الصناعية.
    4. ظواهر ضوئية غريبة في السماء، تُعرف أحيانًا باسم أضواء الزلازل (Earthquake Lights - EQLs)، ناتجة عن التفريغ الكهربائي في الهواء بسبب الحقول الكهربائية المتولدة.

أدلة علمية وتطبيقات عملية

  • رُصدت تغيرات كهرومغناطيسية غير طبيعية قبل عدة زلازل كبرى، مثل زلزال اليابان 2011 وزلزال كاليفورنيا 1989.
  • دراسات أظهرت أن بعض الأقمار الصناعية، مثل DEMETER، سجلت تغيرات في الغلاف الأيوني للأرض قبل الزلازل بفترة قصيرة، مما يتماشى مع تفسير فرويند.
  • يمكن دمج هذه الظاهرة مع إشارات VAN، ورصد الرادون، ونسبة Vp/Vs لإنشاء نظام إنذار مبكر أكثر دقة.

التحديات والانتقادات

  • التداخل مع مصادر طبيعية أخرى: يمكن أن تتسبب الشمس أو العواصف المغناطيسية الأرضية في تغيرات مشابهة.
  • عدم وجود نمط ثابت لكل الزلازل: بعض الزلازل تحدث دون ظهور إشارات كهربائية واضحة.
  • تحديات تقنية في الرصد الدقيق: ما زالت التقنيات بحاجة إلى تحسين لقياس التأثيرات الكهربائية بدقة في أعماق الأرض.

الخلاصة

نظرية فيزياء فرويند توفر تفسيرًا محتملاً لكيفية حدوث إشارات كهربائية ومغناطيسية قبل الزلازل، مما قد يساعد في تطوير أنظمة تنبؤ زلزالي أكثر دقة. ومع ذلك، تحتاج هذه الفكرة إلى مزيد من الدراسات والتجارب لإثبات موثوقيتها كأداة مستقلة للتنبؤ بالزلازل.

٧. نظرية التوسع-الانتشار (Dilatancy-Diffusion Theory) في التنبؤ بالزلازل

ما هي نظرية التوسع-الانتشار؟

نظرية التوسع-الانتشار (Dilatancy-Diffusion Theory) هي نموذج فيزيائي يفسر كيف تتغير خصائص الصخور والسوائل الجوفية قبل وقوع الزلزال. طُوّرت هذه النظرية في السبعينيات لتفسير التغيرات الجيولوجية والجيوكيميائية التي تحدث قبل الزلازل، وتُستخدم كأساس لبعض تقنيات التنبؤ الزلزالي.

الأساس العلمي للنظرية

تنقسم النظرية إلى مرحلتين رئيسيتين:

1. مرحلة التوسع (Dilatancy Stage)

  • عندما تتعرض الصخور في منطقة الصدع لإجهادات متزايدة بسبب الحركات التكتونية، تبدأ الفراغات والمسامات الصغيرة في التوسع داخل الصخور.
  • هذا التوسع يؤدي إلى:
    • انخفاض في سرعة الموجات الزلزالية S مقارنة بالموجات P، مما يؤدي إلى تغير في نسبة Vp/Vs.
    • زيادة في نفاذية الصخور، مما يسمح للسوائل الجوفية بالتحرك بحرية أكبر.
    • تغيرات كهربائية وكهرومغناطيسية بسبب إعادة توزيع السوائل والشحنات داخل الصخور.

2. مرحلة الانتشار (Diffusion Stage)

  • بعد توسع الشقوق والفجوات، تبدأ المياه الجوفية بالتدفق والانتشار داخل الصخور، مما يؤدي إلى:
    • ارتفاع الضغط الهيدروليكي داخل الفوالق.
    • تغيرات في انبعاثات الرادون، حيث تتحرر كميات أكبر من الغاز بسبب زيادة النفاذية.
    • حدوث انهيار نهائي للصخور عندما يصل الضغط إلى مستوى حرِج، مما يؤدي إلى الزلزال.

كيف تُستخدم هذه النظرية في التنبؤ بالزلازل؟

يمكن ملاحظة وتسجيل التغيرات الجيولوجية الناتجة عن هذه العملية باستخدام تقنيات متعددة، مثل:

  1. مراقبة نسبة Vp/Vs: إذا انخفضت نسبة سرعة الموجات S إلى سرعة الموجات P، فقد يكون ذلك مؤشرًا على اقتراب حدوث زلزال.
  2. قياس تركيز الرادون في المياه الجوفية، حيث يرتفع قبل الزلزال بسبب التوسع في الفوالق.
  3. رصد التغيرات في مستوى المياه الجوفية، إذ يمكن أن تنخفض أو ترتفع بشكل مفاجئ نتيجة للمرحلة الثانية من النظرية.
  4. تحليل الشذوذ الكهرومغناطيسي، حيث يمكن أن يؤدي تحرك السوائل والشحنات إلى تغيرات في المجال الكهربائي والمغناطيسي المحلي.

أمثلة على تطبيق النظرية في الزلازل الحقيقية

  • زلزال الصين 1975 (Haicheng Earthquake): لوحظت تغيرات واضحة في مستوى المياه الجوفية قبل الزلزال، مما ساعد العلماء على إصدار تحذير مسبق.
  • زلزال كاليفورنيا 1989: لوحظ انخفاض في نسبة Vp/Vs في مناطق النشاط الزلزالي قبل الهزة الكبرى.
  • زلزال اليابان 2011: سُجلت تغيرات في تركيز الرادون والمجال المغناطيسي في المناطق القريبة من مركز الزلزال.

التحديات والقيود

  • عدم وجود نمط ثابت: بعض الزلازل تحدث دون تسجيل تغييرات واضحة في مرحلة التوسع-الانتشار.
  • التداخل مع العوامل البيئية: قد تتأثر مستويات المياه الجوفية وتركيز الرادون بعوامل أخرى غير النشاط الزلزالي.
  • صعوبة تحديد التوقيت والموقع بدقة: على الرغم من إمكانية رصد التغيرات، لا تزال هناك تحديات في التنبؤ بالتوقيت الدقيق للزلزال.

الخلاصة

تُعد نظرية التوسع-الانتشار واحدة من أهم النظريات التي تشرح العمليات التي تحدث في القشرة الأرضية قبل وقوع الزلازل. تساعد في تطوير تقنيات التنبؤ الزلزالي من خلال تحليل التغيرات في الصخور، والسوائل الجوفية، والإشارات الزلزالية، لكنها ليست كافية بمفردها، بل تحتاج إلى تكامل مع أساليب أخرى مثل رصد انبعاثات الرادون، الشذوذ الكهرومغناطيسي، وإشارات VAN لتحسين دقة التنبؤ.

ختاما:

لا توجد حتى الآن طريقة موثوقة للتنبؤ بالزلازل بدقة. تُركّز الأبحاث الحالية على تحليل البيانات عبر شبكات مراقبة مكثفة (مثل الأقمار الصناعية ومحطات الرصد) لفهم أفضل لهذه الظواهر، لكن التوقع المبكر لا يزال محدودًا.

التالي السابق
أكتب أول تعليق
أضف تعليق
comment url

عين الصحة

عين التكنولوجيا

تحليلات ومقالات

عين الأقتصاد