الفاشر على حافة السقوط: معركة المدينة وحدود الصمود في دارفور

الفاشر على حافة السقوط: معركة المدينة وحدود الصمود في دارفور

تعيش مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، واحدة من أحلك لحظاتها في خضم النزاع السوداني المستمر منذ أبريل 2023. فبعد عام كامل من الحرب، باتت المدينة، التي كانت ملاذًا نسبيًا آمنًا للنازحين من مختلف ولايات دارفور، مهددة بالسقوط الكامل، في ظل تصاعد العمليات العسكرية، وتكثيف الضغط من قبل ميليشيا الدعم السريع على المداخل الحيوية، والتقارير المتواترة عن حصار خانق يضيق على السكان والنازحين معًا.

ضغط عسكري متواصل

منذ منتصف أبريل 2025، تصاعدت هجمات ميليشيا الدعم السريع على محيط المدينة، خاصة من الجهات الجنوبية والغربية. وتشير تقارير ميدانية إلى محاولة إحكام السيطرة على الطرق المؤدية إلى الفاشر، خصوصًا الطريق الرابط بينها وبين طويلة وكبكابية، فيما سُجّلت اشتباكات دامية على تخوم حيّ "زمزم"، أحد أكبر تجمعات النازحين. ويُنظر إلى هذه التحركات كتمهيد مباشر لإطباق الحصار الكامل قبل تنفيذ الهجوم الأوسع على وسط المدينة.

أوضاع إنسانية متدهورة

الظرف الإنساني في الفاشر ينذر بكارثة وشيكة. آلاف النازحين يتكدسون في ظروف مزرية داخل المدينة، في ظل نقص حاد في الغذاء، الأدوية، والوقود. منظمة أطباء بلا حدود، والصليب الأحمر، حذّرا من انهيار النظام الصحي بشكل كامل، بينما تشير إفادات السكان إلى توقف خدمات المياه والكهرباء في معظم الأحياء.

غياب الدعم الحاسم

رغم ما تبذله القوات النظامية المدافعة من مقاومة، إلا أن ضعف الإمداد اللوجستي وغياب الغطاء الجوي والضغط على خطوط الإمداد تجعل خياراتها محدودة. كما أن نداءات الأهالي والمجتمع المدني لم تجد حتى الآن استجابة فعالة من الحكومة أو المجتمع الدولي، مما يطرح تساؤلات حول جدوى استمرار الدفاع في حال غياب الدعم النوعي.

هل تسقط الفاشر؟

استنادًا إلى المعطيات الحالية، فإن سيناريو سقوط الفاشر يبدو أقرب من أي وقت مضى. إلا أن هذا السيناريو ليس قدرًا محتومًا. فدخول أي متغير جديد – سواء من حيث التدخل الدولي، أو إعادة تموضع عسكري، أو تفاهمات إقليمية طارئة – قد يبدّل المشهد بالكامل، أو على الأقل يطيل أمد المواجهة. لكن غياب تلك المتغيرات حتى الآن، يجعل من السيناريو الأسوأ الأكثر ترجيحًا.

خاتمة

الفاشر اليوم ليست مجرد مدينة مهددة، بل رمز لما تبقّى من إرث دارفور الحضري والإداري بعد أن سقطت مدن مثل نيالا والجنينة والضعين في أيدي الميليشيا. مصيرها لن يؤثر على سكانها فقط، بل على مسار الحرب في الإقليم بأسره. فهل تتغير المعطيات في الوقت المناسب؟ أم أن المدينة تسير فعلاً نحو مصير مظلم يضاف إلى سلسلة الكوارث التي عاشها السودان مؤخرًا؟

التالي السابق
أكتب أول تعليق
أضف تعليق
comment url

عين الصحة

عين التكنولوجيا

تحليلات ومقالات

عين الأقتصاد