مستقبل السودان على المحك: ثلاثة سيناريوهات مصيرية في ظل تصاعد الأزمة
تشهد السودان منذ أبريل 2023 حرباً أهلية شرسة بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، مما دفع البلاد إلى حافة الانهيار الكلي. مع استمرار العنف وتعمق الانقسامات، تبرز ثلاثة سيناريوهات لمستقبل الدولة، يُعتبر التقسيم أخطرها، في مشهد يعيد إلى الأذهان تجربة الصومال في تسعينيات القرن الماضي.
السيناريو الأول: تفكك الدولة وتحولها إلى "كيان فاشل"
بات تفكك السودان خطراً واقعياً مع توسع رقعة الصراع وانهيار السلطة المركزية. فقد سيطرت ميليشيا الدعم السريع على أربع ولايات في دارفور وأجزاء من كردفان والنيل الأزرق، بينما استعاد الجيش بعض المواقع الاستراتيجية مثل ود مدني وأجزاء من الخرطوم. ورغم أن أي طرف لم يحسم المعركة لصالحه، فإن البلاد تشهد ظهور كيانات قبلية وإقليمية مستقلة تدير مواردها وأمنها بعيداً عن سلطة الخرطوم.
التداعيات:
- تحول السودان إلى "دولة فاشلة" تفتقر للتنسيق المركزي.
- تعامل الأقاليم مع دول الجوار بشكل منفرد، مما يعزز التدخلات الإقليمية والدولية.
- تفشي صراعات محلية جديدة على الموارد والسلطة، مع تآكل متسارع للنسيج الاجتماعي.
السيناريو الثاني: دولة فيدرالية توافقية
يراهن البعض على حل سياسي يمكن أن يعيد بناء السودان عبر نظام فيدرالي لا مركزي. في هذا السيناريو، تُمنح الأقاليم صلاحيات واسعة مع الحفاظ على سيادة الدولة المركزية في قضايا الدفاع والعلاقات الخارجية. قد يكون هذا الحل هو الأكثر ملائمة لمخاطبة التحديات التاريخية بين الأطراف السودانية المختلفة.
متطلبات النجاح:
- إرادة سياسية جماعية لصياغة دستور عادل.
- دعم إقليمي ودولي لضمان استقرار التسوية.
- إعادة بناء الثقة بين المكونات السودانية المتنافرة.
التحديات:
- تعقيدات الواقع الميداني وتضارب مصالح الأطراف المحلية والدولية.
السيناريو الثالث: عودة الحكم المركزي بالقوة
يتضمن هذا السيناريو انتصارًا عسكريًا لأحد الأطراف، سواء الجيش السوداني أو ميليشيا الدعم السريع، مما يعيد فرض سلطة المركزية في الخرطوم. لكن هذا الخيار يثير مخاوف من أن تعود البلاد إلى نفس الأزمات التي شهدتها قبل انتفاضة 2018، حيث كانت المناطق الأطراف تشهد تمردات واسعة ضد الحكومات المركزية.
المخاطر:
- تمردات مستمرة في الأطراف نتيجة غياب حل سياسي شامل.
- تعزيز دور المليشيات المسلحة القائمة على الهويات الإثنية.
- أزمة اقتصادية مستمرة بسبب غياب الحلول الجذرية.
صراع الهويات وتداعياته
تعمق الحرب الانقسامات التاريخية بين المركز والأطراف، حيث تُحمِّل ميليشيا الدعم السريع النظام المركزي القائم منذ 1956 مسؤولية تهميش المناطق الطرفية، بينما يرى الجيش نفسه حاميًا للوحدة الوطنية. وقد أدى تسليح القبائل وتصاعد الخطاب الإثني إلى تفشي العنف القائم على الهوية، كما في انقسام دارفور بين "عرب وزُرقة"، مما يغذي مخاوف من تقسيم فعلي للبلاد.
تطورات ميدانية متسارعة
شهدت الأشهر الأخيرة تحولات كبيرة في موازين القوى على الأرض:
- تقدم الجيش في استعادة مناطق حيوية بدعم من تحالفات قبلية وقوات "دارفور المشتركة".
- تعديل الدستور الانتقالي وحذف أي ذكر لقوات الدعم السريع.
- انقسام تحالف "تقدم" السياسي إلى فصيلين: "قمم" المتحالف مع الدعم السريع، و"صمود" المحايد.